
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ (1) ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (2) ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ (3) مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ (5) ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ (6) صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ (7)
[سورة الفاتحة]
سورة الفاتحة ليست مجرد افتتاحية للقرآن، بل هي اختزال شامل لمعاني الرسالة الربانية، وبوصلة تُوجه القلب نحو الله.
في سبع آيات، نجد العقيدة، والعبودية، والرجاء، والخوف، والدعاء، والاستسلام المطلق للحق.
“بسم الله الرحمن الرحيم” ليست مجرد افتتاح، بل تصريح بالاعتماد الكامل على الرحمة الإلهية قبل كل خطوة.
“الحمد لله رب العالمين” لتُعلِّمنا الامتنان. هي اعتراف بأن كل ما في الوجود هو انعكاس لجمال الرب، وأن كل خير مردّه إليه. الوعي بأن كل خير، كل نعمة، كل بصيرة، مصدرها الله وحده.
“الرحمن الرحيم” رحمة مطلقة شاملة. تأمل فيها، كيف يرحمك الله وأنت لا تدري؟
“مالك يوم الدين” لتغرس فينا الرقابة والمصير. كل ما تفعله له عاقبة، وله حساب. هذه الآية تزرع فيك المسؤولية.
“إياك نعبد وإياك نستعين” إعلان ولاء وتوكل. توحيد الوجهة وتوحيد الاستعانة. لا عبودية إلا له، ولا مدد إلا منه.
“اهدنا الصراط المستقيم” هو النداء الأعظم في حياة الإنسان الباحث عن النور وسط ظلمات الحياة. طلب الهداية في كل لحظة، لأن الثبات على الطريق لا يتم إلا بالله.
“صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين” ميزان دقيق بين أهل الحق وأهل الانحراف. اقرأها وكأنك تختار مصيرك.
كل آية فيها كأنك تضع قدمك على أول عتبة من سُلَّم الارتقاء النفسي والروحي.
سورة الفاتحة تحمل في آياتها السبع سرّ الطريق الإلهي، من الثناء، إلى الاعتراف بالعبودية، إلى طلب الهداية.
سميت “الشفاء”، “السبع المثاني”، “أم الكتاب”، لأنها تختصر حاجة القلب والعقل والروح في كل آن.
سورة الفاتحة ليست مجرد افتتاحية للقرآن، بل هي المفتاح لفهم كل ما يأتي بعده. هي حوار خفيّ بين العبد وربّه، يعلّمه كيف يسير في طريق النور وسط ظلمات النفس والدنيا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن اللهَ تعالى يقولُ : قسمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفينِ ، نصفُها لي ونصفُها لعبدي ولعبدي ما سألَ ، فإذا قالَ : { الحمدُ للهِ ربِّ العالمين } قالَ اللهُ : حمِدني عبدي ، وإذا قالَ : { الرَّحمنِ الرَّحيمِ } قالَ اللهُ : أثنى عليَّ عبدي ، وإذا قالَ : { مالكِ يومِ الدينِ } قال اللهُ عز وجل : مجّدني عبدي ، وفي روايةٍ فوَّضَ إليَّ عبدي ، وإذا قالَ : { إياكَ نعبدُ وإياكَ نستعينُ } قال : فهذه الآيةُ بيني وبين عبدي نصفينِ ولعبدي ما سألَ ، فإذا قالَ : { اهدنا الصراطَ المستقيمَ صراطَ الذين أنعمتَ عليهم غيرِ المغضوبِ عليهم ولا الضالينَ } قال : فهؤلاءِ لعبدي ولعبدي ما سألَ“
[رواه مسلم]
في كل آية من الفاتحة، العبد يتحدث مع ربّه، والله يجيبه. إنها سورة ليست تُتلى فحسب، بل تُعاش.
الطريق إلى الله لا يُفتح إلا بمفتاح الحمد، ولا يُسلك إلا على جسر الاستعانة، ولا يُثبت عليه إلا بنور الهداية.
التفسير الميسر
تفسير سورة الفاتحة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
سورة الفاتحة سميت هذه السورة بالفاتحة; لأنه يفتتح بها القرآن العظيم, وتسمى المثاني; لأنها تقرأ في كل ركعة, ولها أسماء أخر. أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينا به, (اللهِ) علم على الرب -تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه, وهو أخص أسماء الله تعالى, ولا يسمى به غيره سبحانه. (الرَّحْمَنِ) ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جميع الخلق, (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين, وهما اسمان من أسمائه تعالى، يتضمنان إثبات صفة الرحمة لله تعالى كما يليق بجلاله.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
(الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال, وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه, فهو المستحق له وحده, وهو سبحانه المنشئ للخلق, القائم بأمورهم, المربي لجميع خلقه بنعمه, ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
(الرَّحْمَنِ) الذي وسعت رحمته جميع الخلق, (الرَّحِيمِ), بالمؤمنين, وهما اسمان من أسماء الله تعالى.
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة, وهو يوم الجزاء على الأعمال. وفي قراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته تذكير له باليوم الآخر, وحثٌّ له على الاستعداد بالعمل الصالح, والكف عن المعاصي والسيئات.
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
إنا نخصك وحدك بالعبادة, ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا, فالأمر كله بيدك, لا يملك منه أحد مثقال ذرة. وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده, وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير اله, ومن أمراض الرياء والعجب, والكبرياء.
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
دُلَّنا, وأرشدنا, ووفقنا إلى الطريق المستقيم, وثبتنا عليه حتى نلقاك, وهو الإسلام، الذي هو الطريق الواضح الموصل إلى رضوان الله وإلى جنته, الذي دلّ عليه خاتم رسله وأنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم, فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه.
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)
طريق الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين, فهم أهل الهداية والاستقامة, ولا تجعلنا ممن سلك طريق المغضوب عليهم, الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به, وهم اليهود, ومن كان على شاكلتهم, والضالين, وهم الذين لم يهتدوا, فضلوا الطريق, وهم النصارى, ومن اتبع سنتهم. وفي هذا الدعاء شفاء لقلب المسلم من مرض الجحود والجهل والضلال, ودلالة على أن أعظم نعمة على الإطلاق هي نعمة الإسلام, فمن كان أعرف للحق وأتبع له, كان أولى بالصراط المستقيم, ولا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أولى الناس بذلك بعد الأنبياء عليهم السلام, فدلت الآية على فضلهم, وعظيم منزلتهم, رضي الله عنهم. ويستحب للقارئ أن يقول في الصلاة بعد قراءة الفاتحة: (آمين), ومعناها: اللهم استجب, وليست آية من سورة الفاتحة باتفاق العلماء; ولهذا أجمعوا على عدم كتابتها في المصاحف.
🌟 لمن أراد الاستماع إلى سورة الفاتحة:
🔹 للاستماع إلى سورة الفاتحة بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد (تجويد وترتيل):
اضغط هنا أو استمع من هنا
🔹 للاستماع إلى سورة الفاتحة بصوت الشيخ سعد الغامدي (تجويد وترتيل):
اضغط هنا أو استمع من هنا
🌟 ولمن أراد الاستماع إلى القرآن الكريم كاملًا بصوت الشيخين عبد الباسط عبد الصمد وسعد الغامدي:
📺 تابعونا على قناتنا الرسمية “نور وهدى” على اليوتيوب
ندعوكم لزيارة قناتنا “نور وهدى” التي أعددناها خصيصًا لنشر النور الرباني والمعرفة الإيمانية.
تجدون فيها:
القرآن الكريم كاملًا بصوت الشيخين عبد الباسط عبد الصمد وسعد الغامدي
برامج متميزة مثل “شرعة ومنهاج” لعبد العزيز الطريفي، و“الأمثال القرآنية” لمحمد صالح المنجد
خطب الجمعة، وفيديوهات دعوية وتنويرية تلامس القلوب والعقول
سلسلة “من الظلمات إلى النور”: قصص دخول غير المسلمين إلى الإسلام
🌟 ندعوكم للاشتراك وتفعيل الجرس لتكونوا معنا في رحلة النور والهدى والعلم.