كيف يهدي الله القلوب بعد الظلمات؟ نور الهداية

moments of light

كلنا نمرّ بلحظات تيه… نبحث عن المعنى، عن الطريق، عن إجابة واحدة تطمئن قلوبنا.
وفي غمرة الحيرة، نشعر أن الدنيا أُطفئت من حولنا، وأننا نعيش في ظلام داخلي…
لكن هذا الظلام، ليس دائمًا عقوبة، بل قد يكون مرحلة إعداد للنور.

يقول الله تعالى:
﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ﴾ [البقرة: 257]

لاحظ أنه قال: “الظلمات” (جمع) و*”النور”* (مفرد).
لأن طرق الظلام كثيرة، لكن طريق النور واحد… هو الله.

ما معنى أن يُخرجنا الله من الظلمات إلى النور؟

أن يُخرِجنا من الحيرة إلى الاطمئنان

من المعصية إلى التوبة

من الغفلة إلى الذكر

من رؤية أنفسنا إلى رؤية فضل الله

من ضجيج الحياة إلى سكون القلب بالله

وكل مرة تنتقل فيها من حال باطن مظلم إلى نور الفهم أو التوبة أو الرضا… فأنت خرجت من ظلمة إلى نور.

كيف يحدث هذا التحوّل؟

بالضربات الرحيمة:
أحيانًا، يهزّك الله بلُطفه، بحدث يؤلمك… لكنه يفتح بصيرتك.
كم من دمعة كانت بداية نور، وكم من خسارة أخرجتك من ظلمة الغرور.

بآية توقظك:
تقرأها في لحظة صدق، فتخترق قلبك.
كم من شخص تغيّر مساره بسبب آية سمعها صدفة… وكانت تلك “الصدفة” هداية مكتوبة.

بشخص يُنير لك الطريق:
إنسان يلقي فيك كلمة، دعوة، موقف… فيه نور.
والله يسوق النور عبر من يشاء.

بصدق السعي:
إن مشيت في الظلام، لكن بقلب يبحث عن الله… فإن الله لا يُطفئ قلوب السائرين إليه.
قال تعالى:
﴿وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: 69]

حين نقرأ قوله تعالى:
﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحٗا مِّنْ أَمْرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَٰبُ وَلَا ٱلْإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلْنَـٰهُ نُورٗا نَّهْدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52]

ندرك أن الهداية ليست مجرد معرفة، بل هي نورٌ يغمر القلب، يأتي من الله، ويُزرع في قلب من يشاء من عباده. هي حياة جديدة تنبض بالبصيرة، لا يراها من أُطفئت مصابيح روحه.

تأمل شخصي:

كلما زادت قراءتي للقرآن، كلما أحسست أني لا أقرأ كتابًا فقط، بل أقرأ نفسي. وكأن الآيات تخاطب ظلالًا داخليّة، وتكشف لي من أكون، وماذا أفعل هنا.
الهداية لا تأتي فجأة، بل تُنسج بخيوط من صدق النية، وتكرار السؤال، والبحث المتجرد عن الحقيقة.
ولعل أعظم هداية، ليست أن تعرف الطريق، بل أن تحب السير فيه، حتى وإن طال.

قد تمشي طويلًا في الظلمة، لا لأنك تائه… بل لأن الله يعدّ قلبك للنور حين يجيء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من أحبّ”
[رواه الطبراني]

فإذا رأيت الله يُعطيك نورًا… فاعلم أن له في قلبك محبة، فلا تُفرّط بها.

 كل ظلام تقطعه وأنت متعلق بالله، هو طريق مضمون إلى نور لا يُطفأ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *